أيها المؤمنون: إن بيت المسلم يجب أن يكون بيتا متميزا عن غيره من البيوت، وذلك بأن يفعل ما شرعه الله للمسلمين في بيوتهم.
إنه من الواجب على كل مسلم أن يجعل بيته واحة غناء ترتاح فيه النفوس وتطمئن القلوب.
وليس ذلك بوضع الزهور والتحف والأثاث الفخم.
بل لا يكون ذلك والله إلا بإحياء ذكر الله تبارك وتعالى في البيت، فبه تحيا البيوت.
فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل: الحي والميت)) مسلم.
فتأمل وفقني الله وإياك بم شبه الرسول البيت الذي يذكر الله فيه، وبم شبه الرسول البيت الذي لا يذكر الله فيه، شبههما بالحي والميت.
وما هو الفرق بين الحي والميت.
إنه الروح، فالحي فيه روح والميت بلا روح، فروح البيت ذكر الله، وبيت لا يذكر الله فيه لا روح فيه نسأل الله العافية.
وينبغي التنبه هنا إلى أن ذكر الله ليس محصورا في التسبيح وقراءة القرآن، بل هذان نوعان من أنواع ذكر الله الكثيرة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)) مسلم.
فكم من بيت اليوم لا يسمع فيه القرآن ولا يتلى فيه إلا ما ندر من الأحايين القليلة.
إن قراءة القرآن في البيوت نور لها وحياة لها ولأهلها.
قراءة القرآن في البيوت طرد للشياطين، وحصن من السحر وأهله، والعين وأهلها.
عن أبي أمامة رضي الله عن قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرأوا الزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرأوا سورة البقرة فأن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة))، بلغني أن البطلة: السحرة.
وهكذا عباد الله يكون البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة في حصن حصين من الشياطين والسحر.
ومما تحيا به البيوت كذلك صلاة النوافل فيها.
قال صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا)) مسلم، أي صلوا فيها من النوافل ولا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) مسلم.
إن الصلاة في البيت إقامة عملية لذكر الله عز وجل تتربى به الأسرة على الطاعة والالتزام وحب الصلاة، ويتعود الصغار على الصلاة بسبب رؤية والدهم أو أخوهم وهو يصلي أمامهم.
ومما تحيا به البيوت توفر مكتبة صغيرة في البيت تحتوي علي بعض الكتب والكتيبات التي تعلم المسلم أمور دينه وتحذره مما يجلب غضب الله جل وعلا، وتعلمه سنة المصطفي صلى الله عليه وسلم.
ومثلها من الأشرطة السمعية التي تناقش كل ما يهم المسلمين من أمور دينهم وتعلمهم سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
ومن الأمور التي تحيا بها البيوت كذلك أن يكون لرب الأسرة مجلس أسبوعي أو أكثر أو أقل بحسب استطاعة كل شخص يجلس فيه مع أبناءه وزوجته يكون له فيها نقاش لأمور شرعية أو قراءة للقرآن جماعية وحفظ وتسميع له أو قراءة من كتاب نافع يقرأه الأب ويشرح منه لأبنائه، ويمكن أن يستعين الأب في ذلك بالمشايخ وطلاب العلم وأئمة المساجد في اختيار الكتاب المناسب وتوضيح ما يصعب فهمه، وبذلك يحيا البيت بذكر الله عز وجل.
أيها الموحدون إن توفير هذه الأمور في البيوت من قراءة القرآن وذكر الله وصلوات النوافل ومدارسة العلم الشرعي وتوفير الكتب والأشرطة النافعة يجعل البيت مدرسة للخير يتربي فيه من يسكنه من الأولاد والنساء على الطاعة والفضيلة، وتدخله الملائكة وتبتعد عنه الشياطين، وإذا خلت من هذه الأمور صارت قبورا موحشة وأطلالا خربة سكانها موتى القلوب وان كانوا أحياء الأبدان يخالطهم الشيطان وتبتعد عنهم ملائكة الرحمن.
عافانا الله واياكم من موت القلوب ورزقنا حسن القول والعمل انه ولي ذلك والقادر عليه
م
ن
ق
و
ل
تحياتي